مجلة دراسات الإنسان و المجتمع

يتناول البحث قضية أساسية تتمثل في التأثير بين الديانات المختلفة في بلاد الاندلس التي كانت قطرا تابعا للدولة الموحدية، وعاصمتها مراكش، وقد تعايش فيها المسلمون واليهود والنصارى جنبا إلى جنب، وساد بينهم "تسامح لا تكاد الأزمنة الحديثة تعرض مثيلا له علينا" ، وهذا الأمر يفيد في تقارب الثقافات، وامتزاج المعلومات، وأن تأخذ كل طائفة من الأخرى ما هو مفيد ونافع، وهو من أركان الحضارة والعمران. ويحدثنا ابن عذاري المراكشي، أن المجتمع عاش في كنف الموحدين حياة كريمة، تميزت بالعدل والطمأنينة، بسب جهود خلفاء الموحدين، الذين كانوا يكتبون إلى ولاتهم وعمالهم، يوصونهم بالرعية خيرا، وبضرورة العدل، والحكم بالحق بين الناس، ومطاردة الظلمة . ففي هذا الوضع حصل التأثير والتأثر بين الديانات المتجاورة، ومن جملة هذا التأثير تأثير ابن رشد في اليهودية من خلال مؤلفات ابن ميمون وفي مقدمتها كتابه دلالة الحائرين، وقد جاءت هذه المداخلة وفق تمهيد، ومبحثين، فتناولت في التمهيد القواسم المشتركة بين الرجلين، والظروف التي أدت إلى تأثير ابن رشد في اليهودية، وذكرت في المبحثين مظاهر هذا التأثير، فخصصت المبحث الأول لذكر أدلة وجود الله عند ابن ميمون، بينما المبحث الثاني تحدثت فيه عن الصفات الإلهية عند ابن ميمون.